تحت عنوان: « الحياة الطيبة بين الإيمان والعمل الصالح»
أوضح الخطيب أن نهج العلماء في «خطة تسديد
التبليغ» هو منهج القرآن الكريم والسنة النبوية في الأخذ بالتَّدرج في التَّركيز
على الإيمان أوَّلا، ثم على العمل الصَّالح الذي هو ثمرة الإيمان الخالص في
النُّفوس ثانياً.
فمن منهج القرآن الكريم: أنَّ الفترة المكية
ركَّزت على الإيمان ووسائل ترسيخه، حيثُ دعا النَّاسَ جميعاً إلى معرفة ربهم الذي
خلقهم، ونصَب على وجوده تعالى أدلة كثيرة في الإنسان نفسه والكون الذي من حوله،
كما قال جل شأنه:
﴿سَنُرِيهِمُۥٓ ءَايَٰتِنَا فِے اِ۬لَافَاقِ
وَفِےٓ أَنفُسِهِمْ حَتَّيٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمُۥٓ أَنَّهُ اُ۬لْحَقُّۖ أَوَلَمْ
يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَيٰ كُلِّ شَےْءٖ شَهِيدٌۖ﴾
ومن السُّنة نجد قول النَّبي ﷺ لمعاذ بن جبل، رضي
الله عنه، لما بعثه إلى اليمن:
«إنَّك ستأتي قوما أهلَ كتاب، فإذا جئتهم، فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أنَّ الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فإيَّاك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنَّه ليس بينه وبين الله حجاب»
أكد الخطيب أيضا أن مما ينبغي التَّذكير به، قبل
أن تنتقل بنا «خطة تسديد التبليغ» من الخطب الإيمانية إلى الخطب في مجالات العمل
الصَّالح المختلفة، محاسبةَ النفس على ما مضى من البيان، هل استفدنا من كل ما سبق
التَّركيز عليه من الإخلاص في الإيمان، والتحلي بمقتضياته من معرفة النَّفس ما لها
وما عليها، وهل استجبنا لله وللرَّسول عندما يدعونا لما يحيينا حياة طيبة؟ وهل
تحررنا من الأغيار التي تحول دون تزكية النُّفوس وتطهيرها، من الأنانية والكبر
والعجب والهوى ونزغات الشَّيطان؟ وهل أَسْلَمْنا أنفسنا لله كما يقتضي معنى الإسلام؟
وهل أمَّنَّا أنفسنا وغيرنا من شرور أنفسنا كما يقتضي معنى الإيمان؟ وهل
مُمارساتنا في العبادات والمعاملات تكون في مستوى أن تعبد الله كأنَّك تراه، كما يقتضي
معنى الإحسان؟ فإن تحقق هذا الشَّرط يكون العمل الصَّالح سهل المراس، كما وقع
للصَّحابة الكرام لما نزلوا بالمدينة، وقد اطمأنت قلوبهم بالإيمان، فتوالت عليهم
الشَّرائع المختلفة من العبادات والمعاملات والسِّياسة والتَّدبير للشَّأن العام،
وغيرها من مقتضيات الحياة.
المصدر: قناة وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية على اليوتيوب
إرسال تعليق