ملخص عن التقرير السنوي المرفوع إلى السدة
العالية بالله من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حول حصيلة أنشطة المجالس العلمية
وعن الشأن الديني ليلة إحياء المولد النبوي ليلة الأحد 11ربيع الأول 1446ه موافق
15 سبتمبر 2024.
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على النبي الأمين
وعلى آله وصحابته الأكرمين
مولاي أمير المؤمنين
كُلما
حَلت مناسبة احتفائكم بالمولد المعظم لجدكم الأكرم عليه أفضل الصلوات وأزكى
السلام، تَجدد لي الشرف بأن أُقدم بين يديكم الكريمتين موجزا عن عمل المؤسسة
العلمية في السنة المنصرمة، والمؤسسة العلمية يا مولاي من أدوات القيام بأمانتكم
في حماية الدين في ثلاث جهات هي: جهة العقيدة وجهة تأطير العبادة وجهة الدعوة
لمكارم الأخلاق، بينما تقوم المؤسسات الأخرى بدورها إلى جانبكم لحماية الدين من
جهة الكليات الشرعية الأخرى، إذ أن نظام مملكتكم المتمثل في إمارة المؤمنين
بخصوصيته وشموليته ينسحب على أمور الدين بالمعنى الخاص وبمعنى الدين الشامل لكل
مناحي الحياة.
ولقد
انصب اجتهاد المؤسسة العلمية في العقدين الأخيرين على حماية الدين من جهة صيانة
الثوابت وتأطير العبادات، فَتَحصل من هذا الاجتهاد اقتناع جمهور الأمة بضرورة حياد
المساجد وحياد القيمين الدينيين إزاء الاجتهادات السياسية لمختلف تيارات المجتمع.
أما في
السنة الفارطة فقد توجهت المؤسسة العلمية في الاتجاه الذي قَدمتُ لجنابكم الشريف
لمحة عنه في المناسبة السابقة تحت عنوان "تسديد التبليغ"، ومعنى التسديد
القصد لبلوغ جوهر التدين وهو التحلي بالإيمان المثمر للعمل الصالح. وهو مشروع
لتقريب الشُقة بين توجيهات الدين في الأخلاق وبين واقع سلوك المتدينين. وفي بيانها
تؤكد المؤسسة العلمية أن المشروع في جملته وتفصيله إنما هو رجوع إلى الأصل في
المنهج النبوي المتمثل في البيان المصحوب بالمتابعة الميدانية من أجل التغيير
الفردي والجماعي، تغييرا يدور على التوحيد بمعنى التحرر من الأنانية بمرجعية
الحقيقة، وهي أن الله الواحد، الخالق قد بَيَّن للناس بالوحي معنى الحياة وكيف
ينبغي أن تُعاش.
ويقتضي
العمل بهذا المنهج النبوي في تصحيح التدين أمرين:
أولهما
جمع انتباه المبلغين من خلال كل أشكال التبليغ حول شَرطي الحياة الطيبة كما بينهما
القرآن، وهما الإيمان والعمل الصالح؛
وثانيهما
الحرص الميداني انطلاقا من المساجد على أن تكون كل الالتزامات بالمقال مصحوبة
بالحال المثمرة للعمل، وهي مهمة العلماء المستلهمة من سيرة النبي المبلغ في الحرص
على الناس.
وبهذا الصدد، عملت المؤسسة العلمية على إشراك كل
المعنيين بالتبليغ وهم العلماء والعالمات والخطباء والأئمة والمرشدون والمرشدات
والوعاظ والواعظات والمسهمون في الإعلام الديني السمعي البصري، وأعدت الوثائق
الأولية اللازمة للبيان والتوجيه، وبدأت تسديد التبليغ من خلال اقتراح خطب الجمعة
في موضوع الإيمان.
وهي
تشتغل بملاءمة مضمون بقية وجوه التبليغ مع مقاصد التسديد، ولاسيما مع مادة الوعظ
في المساجد، ومع مادة التكوين المستمر للأئمة ومع برنامج التكوين في معهد محمد
السادس للأئمة المرشدين والمرشدات مع إتاحة المتابعة عن بعد للمتخرجين السابقين.
على أن المؤسسة العلمية واعية بأنها بموازاة مع العمل في أرض الوطن مطالبة
بالتعاون لوضع صيغة ملائمة لهذا المشروع مع جهتين هما المجلس العلمي المغربي
لأوروبا ومع فروع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. كما أنها واعية بأنها بحاجة
سواء في البيان النظري أو في التدخل الميداني إلى الاستفادة من خبرة المختصين
لاسيما في أمور التربية والصحة والانسجام العائلي والإدمان والاقتصاد في المعيشة.
على أن
دور المُبلغ في جميع السياقات يقتضي التذكير النافع بمقاصده في محاسبة النفس
لاتقاء شُحها والتأهل للعطاء بجميع أشكاله إرضاء لله تعالى في تنمية المنافع
الدنيوية وإسهاما في السلم الاجتماعية مع استدرار البركة في مال الأمة.
ومن
المفترض أن تصحب هذا المشروع عملية قياس آثار التدخل الميداني، ومن ثمة استشراف
آفاق رحبة في تحسين علاقة التدين بالحياة، وهي آفاق نرجو من الله أن يُيسرها وأن
تكون تجلياتها في ما يرضي الله من الفتوح المكتوبة لكم يا مولاي في خدمة الإسلام
والمسلمين.
حفظ
الله سيدنا الهمام وأدامه حاميا للملة والدين،
والسلام على المقام العالي بالله.
المصدر: الموقع الرسمي لوزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية
إرسال تعليق